بلاغ صحفي المناظرة الأولى للصناعات الثقافية والإبداعية، تعبئة قوية ووعود بالعمل و الأجرأة


الرباط،6 أكتوبر 2019 انعقدت الجلسة الافتتاحية يوم الجمعة 4 أكتوبر، أمام حضور كبير و وازن يتكون من 600 مشاركة ومشارك، وقد مكنت ممثلي أهم الأطراف المتدخلة المؤسساتية والمهنية من التعبير عن رؤاهم وطموحاتهم فيما يتعلق ببروز صناعات ثقافية والارتقاء بها كعامل رئيسي وحاسم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. 

وللتذكير، فالهدف المتوخي من تنظيم هذه المناظرة يتمثل في بسط نقاش كبير وجاد حول محاور تجوید ومراجعة، وخلق التعاضدات الضرورية لمواكبة بروز صناعة ثقافية، بغية تعزيز النسيج المقاولاتي ، وأوساط الفنانين والمنظمات المهنية التي تشكلها (انظر تفاصيل الجلسة الافتتاحية ببلاغ 4 أكتوبر المرفق).

وفي الفترة الزوالية ليوم الجمعة تم التطرق بداية الموضوع "المنظومة الثقافية في بحث عن التطور": ما السبيل لخلق الظروف الملائمة لبروز صناعات ثقافية؟ أية ترتیبات لتوفير التمويلات، کیف الوصول لتشريع أفضل وتدبير أكثر فعالية للبنيات التحتية؟ ما السبيل لتعبئة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين لرفع تحديات حكامة منظومة حية ومؤهلة لخلق الثروات ؟ كيف يمكن الوصول الاستقطاب ترابي أفضل؟

 تمت مناقشة هذا الموضوع بحضور زهير الشرفي، الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية، الذي أشار إلى أرقام وآليات دعم الثقافة، ومذكرا بضرورة اعتماد آلية جبائية تراعي خصوصيات وحاجيات القطاع الثقافي، على شاكلة ما حدث في شهر ماي الأخير على هامش أشغال المناظرة الجبائية. بعد ذلك، تطرق خالد سفير، الوالي المدير العام للجماعات المحلية، لدور الجهات المحلية في تنزيل سياسة ثقافية مشتركة ما بين مجموع جهات المملكة. وقد التزم بالعمل على بلورة خارطة طريق جهوية بتعاون مع فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية. إثر ذلك، جاء دورة كارول .. کرویلا، مستشارة رئيسية لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية، متخصصة في حقوق الملكية الفكرية، لشرح أهمية هذه الدعامة القانونية المهمة والحاسمة في التنمية السليمة لمختلف الشعب الثقافية، المدرة للقيمة والثروات. كما عبرت عن استعداد المنظمة العالمية للملكية الفكرية الكامل لمواكبة المغرب في تجويد الإطار التشريعي الحالي بهذا المجال وتنظيم يوم دراسي مع المهنيين. كما أدلى فريد بنسعيد، رئيس مجموعة طينور والرئيس المؤسس للأركسترا الفيلهرمونية المغربية، ببعض من تجاربه بهذا المجال، والمبنية على رؤيته المزدوجة كمقاول وفنان في نفس الوقت.

 وفي الأخير، ناشد هشام عبقري، نائب رئیس فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية ومدير مسرح محمد السادس، الحاضرين وأكد على ضرورة العمل لاعتماد حکامة جديدة للمرافق الثقافية المتواجدة وتبسيط المساطر والقوانين المسيرة لهذه الأماكن، وفضاءات نشر وتوزيع الأعمال الفنية لتواجدها في صلب السلسلة المدرة للقيمة بالصناعات الثقافية والإبداعية.

هذا، وقد اختتم اليوم الأول بنقاش في موضوع "التعاضد کرؤية إستراتيجية جديدة". خلال هذه الندوة، أعطيت الكلمة لمحمد ساجد، وزير السياحة، النقل الجوي، الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، الذي شدد على ضرورة العمل من أجل تثمين أفضل للتراث والعرض الثقافي للتمكن من تحسين وضعية المدن الرئيسية للمملكة ودعم جاذبيتها السياحية. كما أدلى عثمان الشريف العلمي، رئيس مجموعة أطلس للأسفار برؤية نقدية للآليات المعتمدة لدعم الثقافة و المقتصرة على المنتوجات السياحية، مشيرا على الخصوص إلى المرجعيات الدولية بمجال المقاسات والممارسات الفضلى. أما بهية العمراني، رئيسة الفدرالية المغربية لناشري الصحف، فذكرت بأهمية الدور الذي تلعبه الصحافة في الترويج للفنانين وأعمالهم. كما طلبت بضرورة العمل على تثمين الجانب الثقافي بالوسائل الإعلامية، انطلاقا من أهمية الموضوع وارتباطاته مع المجالات الفكرية، السياسية والاقتصادية. مارية باحنيني، وانطلاقا من موقعها كمستشارة قانونية، لفتت أنظار الحضور إلى وقائع وحدود النص القانوني الحالي بمجال الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص وألحت على ضرورة مراجعة الإطار التشريعي للشراكات ما بين القطاعين العمومي والخاص بغية تيسير تنزيلها، ولاسيما بمجال استغلال المواقع الثقافية العمومية. إلياس خروز، محام متخصص بحقوق المؤلف والملكية الصناعية، استفاض في شرح أهمية حماية الفنانين وأعمالهم ضمن سلسلة الإنتاج الثقافي.

تواصل برنامج المناظرة الأولى للصناعات الثقافية والإبداعية يوم السبت 5 أكتوبر 2019 من خلال تنظيم ندوتين اثنتين. موضوع "الثقافة، مصدر المناصفة والحداثة والاستدامة"، الموضوع المحوري بإشكالية إدراج الصناعات الثقافية والإبداعية ضمن أهداف التنمية المستدامة، وقد تم التطرق إليه بداية من طرف نسيمة التواتي، مدرسة بالعالم القروي، ومنتخبة عن إقليم الصويرة بمجلس جهة مراكش- آسفي وناشطة ثقافية. هذه الأخير لم تتوانى في المناشدة بضرورة إدراج الثقافة ضمن المنظومة التربوية، بغية المساهمة في تزويد الأطفال بالقدرة على اكتساب وتطوير الروح النقدية لديهم، الانفتاح على مهام مهنية وتطوير حس الانخراط والالتزام لفائدة المجتمع. في نفس الموضوع، أدلى محمد الطوزي، أستاذ جامعي، وأستاذ العلوم السياسية، بشهادة شخصية أبرز من خلالها الدور الذي لعبته مواظبته على التردد على نادي سينمائي كان يترأسه في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت تعتبر النوادي السينمائية آنذاك المكان المفضل لطرح النقاشات والتعلم. كما ذكر الأستاذ الطوزي بمختلف أوجه تكريس مبدأ "الحق في الثقافة" كما هو وارد بمختلف النصوص (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الدستور المغربي، إعلان فرايبورغ) ذاك التصريح الذي يشير إلى "المنتوج الثقافي"، الولوج لهذا المنتوج الذي يعتبر "إلزاميا"، وحقا مشروعا مع إلزامية ولوج المواطن "للمنتوج الثقافي" في إطار الاحترام التام للتنوع طبقا لتوصيات الأمم المتحدة. كما ذكر الطوزي بصلب موضوع المناظرة المتمثل في رفع هذا التحدي، تحدي إلزامية توفير حق الولوج للمنتوج الثقافي لفائدة أكبر عدد من المواطنين مع الحرص على حماية الإبداع، والسهر على احترام حقوق الملكية الفكرية لتمكين المهنيين من تطوير أنشطتهم.
 وبعده، جاءت مداخلة جامع بايضا، مؤرخ ومدير أرشيف المغرب، ليلقي الضوء على دور الأرشيف الذي لا يختزل فقط في المعطيات التراثية فحسب، بل وأيضا وعلى الخصوص في كونه أداة ثقافية لنقل المعرفة والإعلام. ولهذا الغرض، فهو يدعو اليوم صناع القرار الحكوميين لإعطاء الأهمية لأعمال وأرشيف أسلافهم في أفق الوصول إلى بناء رؤية مستدامة. وقد دافع عبد العزيز الإدريسي، مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، عن دمقرطة الولوج للمتاحف والمؤسسات الثقافية ومهمة المتاحف في التنشيط من خلال برمجة فنية متنوعة ودامجة. فيما أكد کریم الهنديلي، مکلف بالبرنامج الثقافي لدى اليونيسكو، على دور الثقافة المدرة للدخل لضمان استمراريتها ووجودها. كما أعلن عن قرب تدشين المنتدى العالمي لوزارات الثقافة بباريس، الأول من نوعه منذ سنة 1998. وفي إطار استجابته للدعوة للإدلاء بشهادته في الموضوع، أدلى فرنسیسکو دیلا طوري برادوس، عمدة مدينة مالقة الإسبانية منذ 19 سنة، بنبذة مختصرة عن دوافع اختيار مدينته للصناعات الإبداعية، والابتكار التكنولوجي في خدمة الإبداع الثقافي، لتنمية مدينته التي أصبحت واحدة من أهم الوجهات المتحفية بالعالم لتوفرها على 37 متحفا. في الأخير، جاء تدخل محمد برادة، رجل اقتصاد، وزیر سابق للمالية وسفير سابق للمغرب بفرنسا، ضد تيار الموقف التقليدي لرجال الاقتصاد، حيث دافع عن ضرورة رفع الميزانية المخصصة للثقافة. وتلك مقاربة قطاعية تجلب عائدا على الاستثمار سيرتقي بالثقافة كعنصر مهم بالمسلسل التنموي، ومبرهنا على أن رؤية الرأسمال اللامادي وتأثيره - الذي لطالما قللنا من شأنه- على عوامل الإنتاجية الاقتصادية والصناعية.
وانطلاقا من منصبه كوزير فرنسي سابق للثقافة، تدخل جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي وملاحظ متمرس للحياة الثقافية المغربية، للإشادة بالاهتمام بالثقافة بالمغرب ودور المناظرة انطلاقا من المكانة المتميزة للفن والصناعات الثقافية للمغرب، سيبدو من غير الطبيعي التقاعس عن إعطائهم دفعة جديدة، وبالطبع، استكشاف طرق وسبل التفكير والتجويد الواجب اعتمادها في السنوات القليلة القادمة (...) اسمحوا لي هنا أن ألفت انتباهكم لمتطلبات خلق سياسة ثقافية طموحة والاهتمام بداية بالتكوين والتربية. ومما لاشك فيه، فقد شكلت مدارس الفن، هنا بالمغرب، بالنسبة للفنون المرئية، مصدرا خصبا من الناحية التاريخية (...) وتلك فرصة لدمقرطة وبروز مواهب جديدة وقوية. وهي بحق رافعة تنموية، وجسر نحو نمو جديد".
في الأخير، طرحت إشكالية "تسويق المنتوج الفني" بمقدمة لعبد القادر الرتناني، نائب رئيس عام الصناعات الثقافية والإبداعية ورئيس الاتحاد المهني لناشري المغرب، الذي وضع أهمية إدماج الفاعلين الثقافيين ضمن الآلية الحكومية والهيئات السياسية. كما عبر عن أسفه لتفشي ظاهرة القرصنة والقطاع الغير المهيكل، وهو الأمر الذي يشكل عنصرا مدمرا للقيم الاقتصادية والفنية، معززا ذلك بأرقام جد مقلقة.
بعد ذلك، جاء تدخل نرجس النجار، منتجة، مخرجة ومديرة المكتبة السينمائية المغربية، لتشير إلى قلة إقبال وتوافد الجمهور على القاعات السينمائية. وقد طرحت هذه السينمائية مختلف التحديات، التي تتمثل في رفع الغليان التجاري الحالي الذي يشهده السوق السينمائي المغربي وضرورة تخفيض أسعار التذاكر دون إضعاف منافذ الإنتاج والتوزيع، ودون إلحاق أي أذى بمستغلي القاعات السينمائية. وبعدها جاء الدور على مولاي امحمد دامو، فنان أمازيغي لديه أعمال فنية على السبوتيفاي، ليتقاسم تجربته الغنية والعميقة مع الحضور، بإلقاء الضوء على غنى التراث المغربي وبالخصوص التراث الأمازيغي، وضرورة الاعتماد على ما هو متواجد لبناء وتطوير ثقافة الحاضر والمستقبل. وبعد تعدادها وإشادتها بالبنيات التحتية والمؤهلات المتواجدة حاليا عبر ربوع تراب المملكة، أكدت أمينة بنجلون، رئيسة جمعية مقاولات القطاع السمعي البصري، على ضرورة تحرير القطاع السمعي البصري المغربي. كما أكدت على ضرورة الانفتاح على الأسواق الدولية بغية تصدير الإنتاجات الوطنية (وهو نفس الموضوع المطروح بخطاب الحبيب المالكي)، وإدراج الإنتاجات السمعية البصرية المغربية ضمن اتفاقيات التبادل الحر. وعلاوة على انتشار وتطوير الوسائل الرقمية، خصصت هاجر الجندي، الخبيرة بمجال التسويق الثقافي الرقمي ومؤلفة مسرحية، مداخلتها للتطرق لإستراتيجية بلورة محتویات مفيدة وملائمة كإيجاد أجوبة لتضخم وضياع الثقافة والإعلام في الأخير، ذکر یعقوبا کوناني، مدير سوق الفنون والعروض الإفريقية، الحضور بغني التراث الإفريقي وإمكانية خلق تعاون غني ومثمر ما بين الفاعلين المغاربة ونظرائهم بالقارة السمراء خدمة للثقافة الكونية والإفريقية على وجه الخصوص. بعد ذلك، جاءت شهادة نبيل عيوش، منتج ومخرج سينمائي، لتكمل هذا النقاش بعرض تجربته الفريدة المتعلقة بمشروع "صناعة الفيلم" وتسليط الضوء على الدور الأساسي لدور الشباب والثقافة وضرورة توفير الأدوات التي يحتاجها الشباب، ووسائل سرد حكاياتهم الخاصة، سواء بالسينما، المسرح، الرقص، أو غيرهم.. الشيء الأجمل هو ما نتقاسمه وأن نستطيع، نحن المغربيات والمغاربة، أن نكون فخورين بما نحن عليه اليوم ضمن تنوعنا الكبير".
أشار صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى أن نجاح هذه المناظرة ما هو إلا ثمرة لإشراك الفعلي، وإرادة واقتناع الأطراف المؤسساتية والخاصة بضرورة العمل على تطوير دينامية جديدة للصناعات الثقافية والإبداعية. كما تحسر صلاح الدين مزوار لكون المغرب يعد واحدا من بلدان العالم التي لا تعطى مكانة للثقافة ضمن ناتجها الداخلي الخام في الوقت الذي نرى فيه الثقافة حاضرة بجميع المستويات والأصعدة. وقد أكد مزوار في الأخير على أن القطاع الخاص يولي أهمية بالغة للثقافة والصناعات الثقافية والإبداعية ويعتبرهم بمثابة رافعة تنموية من الأجدر تزويدها بإطار عملي كباقي قطاعات الاقتصاد.
و بالجلسة الختامية، هنأ وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، الحضور على مستوى النقاشات التي دارت خلال يومين كاملين، وعلى أن الهدف من تنظيم المناظرة قد تحقق، والذي يفضي لأول مرة إلى وضع أسس نقاش كبير، والتطرق لموضوع مهم يعطي للصناعة الثقافية والإبداعية مكانتها ضمن النموذج التنموي الجديد، وضرورة تطرق كل واحد إليه بكل مسؤولية.

Tag

aucun tag pour ce communiqué

Entreprise

Autres langues

Français